حذر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من تدهور العلاقات مع المغرب، كما أعرب عن قلقه من تأثير الجهود المبذولة للتحول تجاه الجزائر على العلاقة مع الرباط، التي اعتبر أنها تمر بفترة صعوبات كبيرة.

وأوضح في حديث للنسخة الإلكترونية لصحيفة “لوفيغارو” قائلا “إن هذا التحول يبعدنا عن المغرب. نحن نجازف بفقدان كل شيء. لن نكسب ثقة الجزائر، وسنفقد ثقة المغرب”.

وبمناسبة صدور كتابه الجديد “زمن المعارك”، وجّه ساركوزي نصيحة إلى الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون بعدم محاولة “بناء صداقة مصطنعة” مع القادة الجزائريين “الذين يستخدمون فرنسا بشكل منهجي ككبش فداء لإخفاء عيوبهم وافتقارهم للشرعية”.

وبحسب قوله “إنهم يرفضون فرنسا دائما”، كما أنهم “يبذلون كل جهودهم من أجل تحويل الانتباه عن الفشل الذي أغرقوا فيه بلادهم من خلال اتهام باريس بانتظام بكل الشرور”، وفق تعبيره. وهي تصريحات تناقلتها عدة وسائل إعلام فرنسية، من ضمنها مجلة “لوبوان” في نسختها الإلكترونية.

وتمر العلاقات الفرنسية المغربية بفترة برود وجمود لافتة، بعدما كانت الرباط تعتبر باريس الشريك السياسي والاقتصادي الأول لها. وعلى الرغم من أن فرنسا تنفي بشكل متكرر وجود أي شكل من أشكال الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، معتبرة أن “العلاقة الثنائية بينها وبين المغرب ليست استثنائية فحسب، بل إنها تعتزم تحسينها في السنوات المقبلة”، فإن تقارير إعلامية كشفت إلغاء جملة من الزيارات الرسمية رفيعة المستوى التي كان من المفترض أن تقود مسؤولين وشخصيات فرنسية مرموقة إلى الرباط من قبيل زيارة نائب مدير شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الدائرة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية، أوليفييه لوكوانت، ناهيك عن إلغاء انعقاد “اللجنة الاستشارية المشتركة حول التعاون القضائي”.

ومنذ بداية العام الجاري، ما يزال منصب سفير المغرب في فرنسا شاغرا، في إشارة غير خافية للفتور الذي أصاب العلاقات بين البلدين؛ إذ بات من المؤكد أن ملف الصحراء هو المعيار الفعلي الذي تعتمده المملكة المغربية لتطوير علاقتها مع الدول “الصديقة والشقيقة” ودول الجوار، وتعتبره ميزانًا تكيل به “صدق العلاقات ونجاعة الشراكات”. ولعل الفتور الحاصل بين البلدين نتيجة لاستمرار فرنسا في سلك نهج الموقف الضبابي حول قضية الصحراء، بحسب مراقبين.

شهور من العلاقات الفاترة دفعت 94 برلمانيا فرنسيا إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، ينبهون فيها إلى ما اعتبروه “تداعيات تماطله في اتخاذ موقف صريح من مغربية الصحراء”، تزامنا والمواقف الدولية المتتالية والواضحة حول مغربية الصحراء، في ظل زخم دبلوماسي غير مسبوق للمملكة المغربية. واعتبروا أن المماطلة التي ينتهجها الرئيس الفرنسي في الملف، في ظل اعتراف دولي واسع بالموقف المغربي، على غرار ألمانيا وإسبانيا، يدفع الرباط إلى “البحث عن شركاء جدد في المجال الاقتصادي والعسكري”.

ولفتت الرسالة المفتوحة إلى أن مواقف عدد من الدول الكبرى من مغربية الصحراء، دفعت بالمملكة نحو توسيع وتنويع شركائها في المجال الاقتصادي والعسكري، تزامنا والتوتر الذي تعرفه باريس في علاقاتها مع شمال أفريقيا التي باتت أكثر من أي وقت مضى منفتحة على شركاء غير تقليديين، ما بات يحجّم النفوذ الفرنسي داخل إفريقيا التي رفعت خلال السنوات الماضية شعار التنصل من الوصاية الفرنسية ذات النظرة الاستعلائية الاستعمارية رغم تغير قواعد اللعبة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *