أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن الاقتصاد الوطني يعاني من التباطؤ في النمو والإنتاجية، كما أن سوق الشغل يتسم بالارتفاع المستمر للبطالة وعدم النشاط، وانخفاض حصيلة النمو من حيث عدد مناصب الشغل المحدثة.

وأبرزت المندوبية في تقرير حول “الحساب التابع للتشغيل” أن تراجع نمو الإنتاجية، يشكل التحدي الرئيسي لتطور الاقتصاد المغربي، حيث يتسبب هذا التراجع، الناجم عن التحولات الهيكلية البطيئة والاندماج المحدود للقطاع الصناعي وإعادة التوزيع غير الفعال للعمل في سوق الشغل، في تباطؤ النمو الممكن للاقتصاد الوطني.

وتؤكد نتائج الحساب التابع للشغل هيمنة العمل منخفض الأجر ذي المهارات الضعيفة وغير اللائق، كما تؤكد أيضا المساهمة الضعيفة للنساء في سوق الشغل.

ونبهت المندوبية إلى أن صعوبات توزيع العمالة بين القطاعات الاقتصادية، توفر بيئة ملائمة لنمو الأنشطة غير المهيكلة التي تتخلل جميع القطاعات، وهو ما تعكسه زيادة نسبة العمالة غير المنظمة التي تمثل نسبة 67.6٪ من إجمالي العمالة.

وتؤدي هيمنة العمالة غير المنظمة إلى تفاوتات كبيرة على مستوى عدد ساعات العمل والأجور والإنتاجية، حيث يشتغل العاملون غير المنظمين في المتوسط السنوي 145 ساعة أكثر من نظرائهم المنظمين، بينما يحصلون على أجر متوسط أقل بخمسة أضعاف، وتقل إنتاجيتهم بـ3.7 مرة من إنتاجية العاملين المنظمين.

هذا الوضع، حسب المندوبية، يؤدي إلى تباين الأجور، حيث إن الأجر المتوسط للعامل في قطاع الفلاحة يقل بنسبة 60٪ عن متوسط الأجور في قطاعات الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة المنخفضة، ويقل بنسبة 77٪ من الأجور في الخدمات ذات القيمة المضافة العالية.

وفي الوقت الذي ارتفعت الانتاجية بنسبة 1.9٪ بين سنتي 2014 و2019، لم يصاحبها تحسن في متوسط الأجور الحقيقية، والتي تدهورت على العكس من ذلك بنحو 0.88٪، وهو ما خلف آثارا كبيرة على الطلب الكلي، الذي المحرك الرئيسي للنمو خلال العشرين عامًا الماضية، من خلال تدهور القدرة الشرائية وأهمية حصة الأجور في إجمالي دخل الأسر.

ونبه التقرير إلى وجود معيقات أمام إعادة توزيع العمالة التي يحررها القطاع الفلاحي نحو قطاعات ذات أجور أفضل وإنتاجية أكثر.

كما نبه إلى أن الاقتصاد الوطني يعرف تراجعا مبكرا عن التصنيع، حيث تعكس بيانات العمالة أعراض تراجع قطاع الصناعة من خلال حصته المنخفضة من إجمالي العمالة والمقدرة ب 11٪، وحصته في القيمة المضافة البالغة 22٪.

ولفتت المندوبية إلى أن مواجهة تحدي العمالة في المغرب أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى؛ خاصة مع ولوج عدد كبير من الأشخاص البالغين سن العمل إلى سوق الشغل، وهو ما قد يتحول إلى عبء يعيق التوازنات الاجتماعية إذا لم يتمكن الاقتصاد الوطني من زيادة الإنتاجية وخلق فرص شغل مهمة والتي تظل رهينة بنجاح التحولات الهيكلية الهادفة لإنشاء صناعة متوسطة الإنتاجية وأكثر اندماجا في الاقتصاد المحلي، وكذلك بخلق بيئة ملائمة لتحسين النمو والقدرة التنافسية للشركات المنظمة الصغيرة والمتوسطة، مما سيمكن الاقتصاد الوطني ليس فقط من تقليص حجم الاقتصاد غير المهيكل، ولكن أيضًا من تثمين العمل و تكثيف المؤهلات عن طريق التعلم من خلال الممارسة، وتوزيع العمل بشكل أمثل.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *